دور المرونة المؤسسية في زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل
كشفت آخر إحصائية نشرها المرصد الوطني لمؤشرات التوازن بين الجنسين عن ارتفاع نسبة تواجد المرأة في القطاع الخاص لتصل إلى 56% من إجمالي القوى العاملة في هذا القطاع.
وقد شهدت هذه النسبة تزايدًا مضطردًا خلال السنوات الماضية مع تزايد إقبال المرأة على الاتجاه للعمل في مختلف التخصصات الوظيفية.
ولعلّ أحد أهم العوامل التي أسهمت في زيادة تواجد المرأة في سوق العمل خلال العامين المنصرمين يعود إلى تنامي سياسة العمل المرن، والعمل عن بعد خلال فترة الجائحة، مما عززّ من إمكانية متابعة العمليات التشغيلية بكل يسر، وهو ما يشكل فرصة سانحة للمرأة العاملة لممارسة مهامها الوظيفية على الوجه الأكمل دون التقصير في مهامها الأسرية.
إذ شكلت هذه الفترة فرصة لاختبار مدى كفاءة أداء العمليات عن بعد ومراقبة معدلات الإنتاجية لضمان عدم تأثرها بتطبيق هذه السياسات.
ومع ما أظهرته هذه التجربة من نتائج إيجابية على العديد من الأعمال، نجد أن العديد من الشركات تتجه للحفاظ على تطبيق ممارسات العمل الافتراضية على الرغم من رفع القيود والإجراءات الاحترازية وعودة الحياة لطبيعتها.
حيث تتمثل أبرز المميزات التي حصلت عليها الشركات كنتيجة لتطبيق نظام العمل المرن في تحسن الإنتاجية نظرًا لزيادة القدرة على التركيز، وارتفاع معدلات رضا الموظفين وانخفاض الإجازات المرضية بفضل زيادة المرونة والقدرة على الإيفاء بالتزاماتهم الأخرى، إضافة إلى توفير الوقت والجهد في الذهاب والعودة من وإلى مقر العمل، وتقليل النفقات التشغيلية وترشيد الكهرباء والماء.
إلا أنّه لوحظ وجود بعض التحديات الناجمة عن الاعتماد الكلي على سياسة العمل عن بعد والتي أدت إلى إضعاف الروابط الاجتماعية بين فريق العمل مما نجم عنه صعوبة التواصل والمشاركة المعرفية وبناء الثقة بين الموظفين، إضافة إلى عدم ملاءمة بيئة العمل المنزلية لبعض الموظفين.
وللتغلب على ذلك، تبّنت بعض المؤسسات نظام عمل مزدوج يجمع بين مميزات العمل في المكتب والعمل عن بعد، بحيث تحافظ فيه المؤسسة على استمرارية أعمالها من خلال إتاحة المزيد من المرونة للموظفين في اختيار تواجدهم في مقر العمل، والتحقق من مدى ملاءمة هذه الحلول لمختلف الفئات، كالمرأة الحامل، وبعد انتهاء إجازة الوضع، وفي حال عدم إتمام الحمل.
إضافة إلى طرح أنماط عمل مختلفة مثل العمل الجزئي، والعمل الحر، وأداء الأعمال بصورة مستقلة، مما يعود إيجابًا على النمو الاقتصادي.
وقد حظيت هذه الإجراءات بالإشادة من مختلف الجهات المعنية في مملكة البحرين وعلى رأسها المجلس الأعلى للمرأة حيث تتوافق هذه الإجراءات مع الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية (٢٠١٣-٢٠٢٢) الهادفة إلى تشجيع المؤسسات على إيجاد بيئة عمل داعمة لتحقيق التوازن بين الاستقرار الأسري والمسئوليات الوظيفية.